الدين الإسلامي - كماسبق - عقيدة وشريعة ، وقد أشرنا إلىشيء من شرائعه وذكرنا أركانه التيتعتبر أساساً لشرائعه.
أما العقيدةالإسلامية فأسسها ستة وتسمى أركانالإيمان وهي :
الإيمان بالله
الإيمان بالملائكة
الإيمان بالكتب
الإيمان بالرسل
الإيمان باليوم الآخر
الإيمان بالقدر خيره وشره
وقد دل على هذه الأسسكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى اللهعليه وسلم.
ففي كتاب الله تعـالى يقول الله عزوجل : {لّيْسَ الْبِرّ أَنتُوَلّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَالْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِوَلَـَكِنّ الْبِرّ مَنْ آمَنَبِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِوَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِوَالنّبِيّينَ}1ويقول في القدر : {إِنّاكُلّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ *وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاّ وَاحِدَةٌكَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ}2.
وعن عمر رضي الله عنهقال : (بينما نحن جلوس عندرسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يومإذ طلع علينا رجل شديد بياض الثيابشديد سواد الشعر لا يرى عليه أثرالسفر ولا يعرفه منا أحد ، حتى جلسإلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسندركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه علىفخذيه ، وقال . يا محمد أخبرني عنالإسلام ؟ فقال رسول الله صلى اللهعليه وسلم : الإسلام أن تشهد أن لا الهإلا الله ، وأن محمد رسول الله ،وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصومرمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليهسبيلا - قال صدقت - فعجبنا له يسألهويصدقه .
قال : فأخبرني عن الإيمان ،قال أنتؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسلهواليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيرهوشره - قال صدقت .
قال : فأخبرني عن الإحسان - قال أنتعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراهفإنه يراك .
قال : فأخبرني عن الساعة - قال ماالمسؤول عنها بأعلم من السائل .
قال : فأخبرني عن إماراتها - قال أنتلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاةالعراة العالة رعاء الشاء يتطاولونفي البنيان. ثم انطلق فلبث ملياً ثمقال لي يا عمر أتدري من السائل ؟ فقلتالله ورسوله أعلم
قال : (فأنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)3.
وهذه الأصول الستة قد اتفقت عليهاالرسل و الشرائع ، ونزلت بها الكتب ،ولا يتم إيمان المرء إلا باعتقادهاومن جحد واحد منها خرج من الإيمان إلىالكفر .
الإيـمان بالله
الإيمان بالله : هوالإيمان والاعتقاد الجازم بأن اللهرب كل شيء ومليكه وخالقه ، وأنه الذييستحق وحده أن يفرد بالعبادة ، وأنهالمتصف بصفات الكمال المنزه عن كلنقص و عيب ، مع التزام ذلك والعمل به .
الإيمان بالله يتضمن أربعة أمور:
الأول:الإيمان بوجود الله تعالى
وقد دلعلى وجود الله تعالى ما يلي : الفطرة،والعقل، والشرع، والحس .
1- دلالة الفطرة على وجودالله تعالى فإن كل مخلوق قد فطر علىالإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أوتعليم ، ولا ينصرف عن مقتضى هذهالفطرة إلا من طرأ على قلبه ما يصرفهعنها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مامن مولود إلا يولد على الفطرة ،فأبواه يهودانه أو ينصرانه أويمجسانه ".4
2 - دلالة العقل على وجودالله تعالى فلأن هذه المخلوقاتسابقها ولاحقها لا بد لها من خالقأوجدها إذ لا يمكن أن توجد نفسبنفسها، ولا يمكن أن توجد صدفة . فهملم يخلقوا من غير شيء ولم يخلقواأنفسهم ، ويؤكد هذا الدليل العقليقول الله تعالى : {أَمْ خُلِقُواْمِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُالْخَالِقُونَ}5
3- دلالة الشرع على وجودالله تعالى فلأن الكتب السماوية كلهاتنطق بذلك وما جاءت به من الأحكامالعادلة المتضمنة لمصالح الخلق دليلعلى أنها من رب حكيم عليم بما يصلحخلقه. وما جاءت به من الأخبار الكونيةالتي شهد الواقع بصدقها دليل علىأنها من رب قادر على إيجاد ما أخبر به.
4- وأما دلالة الحس على وجودالله تعالى فمن وجهين:
الوجه الأول : أننا نسمعونشاهد من إجابة الداعين وغوثالمكروبين ما يدل دلالة قاطعة علىوجوده تعالى . ويدل لذلك القرآنوالسنة كما في قوله تعالى : {وَنُوحاًإِذْ نَادَىَ مِن قَبْلُفَاسْتَجَبْنَا لَهُ}6. ومن السنة قصةالإعرابي الذي دخل المسجد يوم الجمعةوسأل الرسول صلى الله عليه وسلم أنيستسقي لهم .
الوجه الثاني : أن آياتالأنبياء التي تسمى (المعجزات)ويشاهدها الناس أو يسمعون بها برهانقاطع على وجود مرسلهم وهو اللهتعـالى لأنها أمور خارجة عن نطاقالبشر يجريها الله تعالى تأييدالرسله ونصراً لهم.
ومن أمثلة ذلك : موسى عليهالسلام ضرب البحر فانفلق
عيسى عليه السلام يحي الموتى
محمد صلى الله عليه وسلم أشار إلىالقمر فانفلق فرقتين
الثاني: الإيمان بربوبيته
أي بأنه وحده الرب لا شريك له ولامعين.(توحيد الربوبية)
والرب : من له الخلق و الملك والأمرقال الله تعالى : {أَلاَ لَهُالْخَلْقُ وَالأمْرُ}7
الثالث:الإيمان بألوهيته
أي بأنه وحده الإله الحق المستحقللعبادة لا شريك له . (توحيد الألوهيه)
والإله : بمعنى المعبود حباًوتعظيماً قال تعالى : {وَإِلَـَهُكُمْإِلَـَهٌ وَاحِدٌ لاّ إِلَـَهَإِلاّ هُوَ الرّحْمَـَنُ الرّحِيمُ}8
الرابع: الإيمان بأسمائه وصفاته
أيإثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابهأو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم منالأسماء والصفات على الوجه اللائق بهمن غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولاتمثيل . قال تعالى {وَللّهِالأسْمَآءُ الْحُسْنَىَ فَادْعُوهُبِهَا}9 ، وقال تعالى : {لَيْسَكَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السّمِيعُالْبَصِيرُ}10 . (توحيد الأسماءوالصفات)
والإيمان بالله تعالىيثمر للمؤمن ثمرات جليلة منها:
الأولى : تحقيق توحيد اللهتعالى بحيث لا يتعلقُ بغيره رجاء ولاخوف ولا يعبد غيره.
الثانية: كمال محبة اللهتعالى وتعظيمه بمقتضى أسمائه الحسنىوصفاته العليا.
الثالثة: تحقيق عبادته بفعلما أمر به واجتناب ما نهى عنه.
الرابعة: السعادة في الدنياوالآخرة.